ظاهرة دوتيرتي
منصور الجمري
الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي فاز بالرئاسة في (نهاية يونيو/ حزيران 2016)، وكان قبل ذلك عمدة لإحدى المدن لفترة طويلة جدّاً، وقد وصل إلى قمة الهرم لاستخدامه خطاباً ونهجاً قاسياً ضدَّ متعاطي المخدرات، وصل إلى حدِّ القتل الذي شمل أشخاصاً بتُهم صغيرة، وأطفالاً يجولون في الشوارع، وهو ما اعتبرته منظمات حقوق الإنسان قتلاً خارج القانون. وعليه، فقد كانت الانتقادات تنهال عليه من منظمات حقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وعددٍ من الحكومات الصديقة للفلبين. غير أنَّه يقابلها بلغة غير دبلوماسيَّة، ويعتبرها البعض غير مهذَّبة؛ لاحتوائها شتائم صريحة، وربما أنَّ أخفَّ الكلمات التي استخدمها للردِّ، مثلاً، على مجلس حقوق الإنسان قبل فترة، هي «فليذهب مجلس حقوق الإنسان للجحيم».
دوتيرتي صَعّد خطابه بعد تسلُّمه الرئاسة سعياً لانتهاج «سياسة خارجية مستقلة»، وبالتالي، فإنَّ ذلك بالنسبة إليه يعني استخدام لغة لم يعتدها الآخرون عند مخاطبة الحكومات الأخرى. فبالإضافة إلى شتمه الرئيس الأميركي، ردَّ قبل يومين على الاتحاد الأوروبي، مستخدماً أصبعه الوسطى: «قرأت إدانة الاتحاد الأوروبي ضدِّي، وأقول لهم ......»، ونطق بكلمة تتحاشى الكثير من الصحف كتابتها، وذلك بحسب ما أوردته مجلة «تايم» الأميركية، نقلاً عن صحيفة فلبينيَّة.
دوتيرتي يمثِّل عيِّنة من ظاهرة تنتشر حاليّاً في أماكن عديدة، وهي تنافس ظاهرة تصريحات القذافي في السابق. وما هو واضح أنَّ مثل هذه التصريحات تُكسبُ من يتبنَّاها أصواتاً شعبيَّة ضمن موجات محمومة يمرُّ بها العالم في أماكن عديدة. وهناك من يقارن بين تصريحات عدد من السياسيين الشعبويّين حاليّاً، من بينهم المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب والرئيس الفلبيني وقادة الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا.
هذه الظاهرة تنتشر بين فترة وأخرى في أماكن وأزمان مختلفة، لأسباب مُتعدِّدة، منها كسب الأصوات أو التأييد، أو لنشر فكرة تقول إنَّ من يطرح هذا الكلام هو الأفضل لتخليص الناس من مشاكل معقَّدة، أو أنَّهم يخافون من المستقبل، وبالتالي يلجأون إلى استخدام لغة عاطفيَّة، ربما تكون مصحوبة بالأحقاد والأوهام، من أجل جذب بعض من يعيش القلق من أمرٍ ما، على رغم اشمئزاز الآخرين من كُلِّ ذلك.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5129 - الخميس 22 سبتمبر 2016م